السبت، 20 نوفمبر 2021

اطيعوا الله والرسول

 جاء الأمر الرباني بإطاعة الله ورسوله بالنص القرآني "

أَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ " و "قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ " و "أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ " 12 مرة في القرآن المجيد.
أما من دعوة الأنبياء بتقوى الله وإطاعتهم كمثل " 
فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ [الشعراء : 108] فقد تكرر هذا النص القرآني ثمانية مرات فقط في سورة الشعراء, وكان دليلا على شدة معاناة موسى مع بني إسرائيل قومه في دعوتهم لتقوى الله وطاعته لشدة مكرهم ونكثهم وتقلبهم .
الطاعة الشرعية : 
هي إطاعة الله تعالى في تنفيذ أوامره والانتهاء عن نواهيه , والإطاعة تندرج تحت الإرادة الشرعية فيمكن الأخذ بالتشريع والعمل به ويمكن النكوص عنه , وهذا يعني التخيير الشرعي للإنسان ليهتدي أو يضل وعلى ما أختار كان الجزاء في الآخرة.
أطيعوا الله والرسول : 
 ينقسم أمر الطاعة الشرعية هنا إلى قسمين أولهما طاعة الله في فريضته وثانيهما طاعة الرسول في سنته وكيفية تنفيذ الفريضة: فهي إذن الأمر الإجمالي الشرعي النافذ من رب العالمين وهو ما وجب إطاعة الله فيه كونه فرضا ربانيا (وعدم الإتيان به عمدا كان عصيان)  وإن كان لعذر فيؤخذ بالرخص أو القضاء, ومن ذلك الصلاة مثلا ولان الصلاة فريضة من الله , غير مفصلة المنسك في القرآن , فوجب إطاعة الله في إقامتها و إطاعة الرسول في بيان تفصيلها ( المنسك) أو كيفية أداءها  .
معنى الطاعة في اللغة :-هي:- اسم للطوع الذي هو مصدر طاع يطوع بمعنى انقاد وفعل ما يؤمر به عن رضا دون ممانعة , والطوع الانقياد بسهولة والطاعة مثله لكن أكثر ما يقال في الائتمار فيما أمر والارتسام فيما رسم. فالطاعة هي امتثال الأمر والتي تعني الرضا وعدم الكره أي المحبة, وامتثل أمره: احتَذاه وعمل على مِثاله, و( امْتَثَلْتُ ) أمره أطعته, ورَسَمْتُ له كذا فارْتَسَمَه إذا امتَثله.
 معنى الطاعة في القرآن والسنة النبوية :-
 فالطاعة في الأصل هي فعل متعلق بأمر فلا تكون الطاعة إلا بعد ورود الأمر وهذا ما قررته النصوص الشرعية القرآنية والنبوية فأما القرآنية فهي:
 قوله تعالى:لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (الأنبياء:27).
 وقوله تعالى:يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (النحل:50).
 فهذه حقيقة طاعة الملائكة لربهم أنهم يتلقون أوامر ربهم فيستجيبون لأمره بالعمل والفعل ولم يذكر الله تعالى أن الطاعة تتحقق بالقبول كما ذهبتم إليه فدل على أن العمل والفعل الظاهر هو الدلالة الحقيقية لقبول الأمر .
 وهذا حال الأنبياء صلى الله عليه وسلم قال تعالى عن إبراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم: الظاهر في قوله تعالى " فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ(102)، هذه الطاعة من إسماعيل لأبيه كانت عن رؤيا نبوية ورؤيا الأنبياء وحي وهي أمر فأطاع إبراهيم ربه وأطاع إسماعيل ربه وأباه عليهما السلام وكلاهما نبيان.
 وقال تعالى:" يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (المائدة:67)،فبين سبحانه لنبيه أنه إذا لم يمتثل للأمر بفعل البلاغ فإنه لم يأت بالمقصود من الطاعة.
أما الأدلة بخصوص لفظ الطاعة الصريح على أن المراد منه الإتيان بالفعل وأنه دلالة على القبول فكثيرة نكتفي ببعض الأمثلة منها لحسن البيان :
1- قوله تعالى:يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً(النساء:59)
2- قوله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً(النساء:64)، 
3- قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ ...(الحجرات:7).أي لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل في الأمور بآرائكم ويقبل منكم ما تقولون له فيطيعكم { أنتم } لنالكم كثير من الشدة والمشقة ولعنتم 
4- قوله تعالى: وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقاً (النساء:69)، وهذه الآية سبقها آية توضح المقصود منها وهي قوله تعالى: وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً () فهي تتحدث عن طاعة الله تعالى بامتثال أوامره من قتل النفس والإخراج من الديار وجاء البيان الرباني بقوله: ولو أنهم فعلوا ، فالمطلوب من الأوامر الطاعة وهذه الطاعة المقصود منها الائتمار فعل امتثال الأمر والإتيان بالفعل. 
معنى الطاعة في الخطاب النبوي 
- عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ 
إِنَّكَ سَتَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ فَإِذَا جِئْتَهُمْ فَادْعُهُمْ إِلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ 
 فالطاعة المقصود منها فعل الصلاة، لأنها تقضي فعلا في وقتها ووقت إسلامهم لا بد من أن يكون في وقت صلاة معينة يجب فعلها..والطاعة المتعلقة بالزكاة هي الإجابة بالإقرار لأن الزكاة لا تجب إلا بعد الحول بالنصاب الشرعي.
4- عن الأسود بن سريع أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : أربعة يوم القيامة رجل أصم لا يسمع شيئا ورجل أحمق ورجل هرم ورجل مات في فترة فأما الأصم فيقول رب لقد جاء الإسلام وما أسمع شيئا وأما الأحمق فيقول رب لقد جاء الإسلام والصبيان يحذفوني بالبعر وأما الهرم فيقول ربي لقد جاء الإسلام وما أعقل شيئا وأما الذي مات في الفترة فيقول رب ما أتاني لك رسول فيأخذ مواثيقهم ليطيعنه فيرسل إليهم ان أدخلوا النار قال فوالذي نفس محمد بيده لو دخلوها لكانت عليهم بردا وسلاما.
دلالات الطاعة في الخطاب الشرعيان معنى الطاعة يقوم عليه مدار الدين لأنه المعنى العملي للعبادة وهذا ما قرره علماء الأمة على حد سواء علماء اللغة والتفسير والحديث والفقه ويتوقف عليه حكم الإسلام والكفر.. و قوله تعالى: إياك نعبد أي: نطيع الطاعة التي يخضع معها, وقيل إياك نوحد, ومعنى العبادة في اللغة الطاعة مع الخضوع. 

دلالة الطاعة في المصطلحات الشرعية
1- التوحيد 
2- الإسلام 
3- القنـوت 
4- العبادة.
5- الديـن 
6- الإخبـات 
7- التسخير
8- التنسك

 فبعد ضبط معنى الطاعة ومدلولاتها ومكانتها من الدين لا بد من ضبط وتحديد قاعدة هذه الطاعة التي تقوم عليه وهو الأمر لأن الطاعة هي امتثال الأمر ، والأمر من خصائص الربوبية ومقتضاها اللازم لها ولا ينفك عنها لأن الآمر لا يكون إلا خالقا قال تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (الأعراف:54)، ولذلك قرر سبحانه وتعالى بأن الأمر له وحده خاص به لأنه خالق الخلق المتصرف بهم فكلهم مربوبون له مطيعون فليس هناك آمر إلا هو قال تعالى: يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الأَمْرِ مِن شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ ..."(آل   عمران:154)،

الطاعة عند المسلم     قررت النصوص الشرعية بأن الطاعة عند المسلم بنص قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً(النساء:59).
 1- طاعة الله عز وجل بحق الربوبية,2- طاعة الرسول عليه الصلاة والسلام لأن طاعته طاعة لله عز وجل بنص قوله تعالى: مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً (النساء:80).
- طاعة أولي الأمر أي : أصحاب الأمر وهذا الأمر ليس مطلقا وإنما أمر الله ورسوله وهم أصحاب الولايات الشرعية : الإمامة ، وإمامة الصلاة وإمامة الجهاد وإمارة الصدقات والعلماء والوالدين والزوج وهكذا فيطاع كل والي من خلال ولايته التي يؤديها حسب طاعة الله تعالى وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم .وليس عند المسلم طاعة لغير ما نصت عليه النصوص الشرعية أما غير المسلم فقد دلت النصوص على أن طاعة الطاغوت وطاعة المشرك مناقضة للتوحيد لأن الطاعة أصل الدين ولا يشوش على ذلك قوله عليه الصلاة والسلام:لا طاعة لمخلوق في معصية الله عز وجل قال تعالى: فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَاداً كَبِيراً (الفرقان:52).
ولذلك ورد النص الشرعي بأن من قال للكافر سأطيعك في بعض الأمر أنه مرتد فكيف بمن جعل نفسه تحت ولاية الكافر في أكثر أمور حياته ولو عمل أحدهم في هذا الزمان إحصائية في الأمور التي يطيع فيها الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام بالنسبة لطاعته للمشركين لوجدها نسبة لا تذكر في أمور محددة قال تعالي : ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ(محمد:26)،

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق