الاثنين، 15 نوفمبر 2021

بصمة الجسد البشري

 

 كتاب ضخم مكوّن من مائتي ألف صفحة

 البصمة الوراثية
قال جل وعلا " سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [فصلت : 53]
وقال أَوَلَمْ يتفكروا فِي أَنفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ بِلِقَاء رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ [الروم : 8]
يبدو أنّ الجينوم، أو الخارطة الوراثية للبشر، والتي إحدى مفرزاتها البصمة الوراثية، ستكون بمنزلة صندوق أسرار، له شأن خطير في خصوصية حياة الإنسان، وعمله، وعلاقاته، وموته أيضاً!
يشير القرآن الكريم في ما يزيد على ألف إشارة للآيات الكونية المعجزة القابل للبحث الاعجازي العلمي المعاصر و قد فسر قديم المفسرين الخطاب الإلهي للناس على قدر الحدث الواقع في حينه فقالوا مثلا اليهود هم بنو قريضه وقالوا وعد الله المشركين أن يريهم ما بأنفسم أي ظهور محمد من بين أنفسهم على هذه التفاسير يكون القرآن مقتصرا على فترة النزول والناس في ذلك الزمن والمكان , وذلك لا ينطبق وإعجاز القرآن فقوله تعالى في اليهود مثلا " لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاء جُدُرٍ ..َ [الحشر : 14] لم يكن ينطبق على يهود ذلك الزمان بل على جدران اليهود اليوم المستوطنات والجدر العازلة والسلاح الذي يطلق نيرانه من خلف الجدر , وقوله تعالى " وفي أنفسهم " في الآية أعلاه يبدو تفسيرها اليوم علميا مكانه التشريح الطبي لمعرفة معجزات الله فيما خلق  فقوله تعالى :سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاق" أي سُنري هؤلاء المكذبين آياتنا في الآفاق ولانه من غير المعقول أن يكون الله تعالى قد توعد بأن يريهم ما قد رأوه في الأفاق من شمس ونجوم وغيرها، بل توعد الحق المعجز أن يريهم ما لم يكونوا قد رأوه قبل .انظر مختلف البيان في هدى المرجان حول معجزات الآيات الكونية على اختلافها.
 سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاق"  سنري هؤلاء المكذبين آياتنا في الآفاق ولانه من غير المعقول أن يكون الله تعالى قد توعد بأن يريهم ما قد رأوه في الأفاق من شمس ونجوم وغيرها، بل توعد الحق المعجز أن يريهم ما لم يكونوا قد رأوه قبل .انظر مختلف البيان في هدى المرجان حول معجزات الآيات الكونية على اختلافها .
قوله :" وَفِي أَنفُسِهِمْ "سنريهم ما في خلق أجسادهم وأرواحهم وتسيير حياتهم وموتهم ...فالكفار اليوم ماديون عقلانيون لا يؤمنون إلا بما يخاطب عقولهم وتلمسهم أيديهم فكانت آية الله لهم هي النظر في إعجاز أجسادهم بالتشريح وبيان البصمات الجسدية وبصمات الأصابع وبصمات الايات الخلقية ةمن ذلك مثالا ما كان في الشهور الماضية حيث اكتشف العلماء طبقة جديدة في قرنية العين و رباط مجهول منذ فترة طويلة في الركبة.فوجب السؤال : كيف ما زال الانسان لم يكتشف كل شيء عن جسده, على الرغم من التقنيات الطبية الحديثة, التي حصلنا عليها في عصرنا هذا ؟ .
على الرغم من التاريخ الطويل في محاولات اكتشاف جسم الانسان , الا ان العلماء يقولون اننا ما زلنا نكتشف ان هناك قصور في معرفتنا ايضا, لان اجسادنا ببساطة غاية في التعقيد.و اكبر الامثلة على ذلك هو وجود هذا الاختلاف الكبير بين اي شخصين في العالم. فحقيقة جسد الانسان اكبر بكثير من المعلومات الموجودة في كتب العلوم 
يقول دانيال شميت و هو عالم انثرو بولجيا في جامعة دوك في نورث كارولاينا, "عندما يشرح الطلاب الجسم للمرة الاولى يكون الامر صعبا و مربكا, و كأنك تنظر الى لوحة مليئة بالنقاط و كل ما تراه هو النقاط, و يشعرون انهم في مدينة جديدة او عالم جديد, هم فقط تخيلوا كيف سيكون هذا العالم, انه مثير, و لكن اول ردة فعل تلكون لديهم هي ( انه صعب للغاية, و لن استطيع ان اكمل الطريق)" فان القوانين و انماط العمل تبدأ بالتكون تدريجيا و يصبح الاطباء خبراء, و يتعلمون اين يبحثون عن الاجزاء التي يبدو انها تظهر في مكان عام معين لدى أي شخص .
و لكن حتى عندما يطور الجراحون معرفتهم بشكل دقيق جدا حول عضو بشري معين،  يكون عليهم ان يتوقعوا ان يجدوا ما لا يتوقعونه في الاساس, فعلى سبيل المثال, هناك عضلة في الذراع اسمها الراحية الطويلة, هذه العضلة توجد فقط عند 85% من البشر, اي ان 15% منا لا يمتلكون هذه العضلة في اذرعهم, و من الممكن ايضا ان تجد ان بعض الناس يمتلكون هذه العضلة في ذراع بينما لا تجدها في الذراع الاخرى لنفس الشخص.
و يختتم البوفيسور شميت كلامه قائلا ان الاختلاف بين اجساد البشر هو شيء اعجازي وأن شخص منا يختلف تماما عن الاخر.
وقوله : ( حتى يتبين لهم أنه الحق حتى  يقتنعوا ويؤمنوا بعد أن يثبت لهم ما كذبوا به ثبوت البرهان بالطريقة والمنطق الذي يطلبون. أَنَّهُ أي القرآن الحق : أي المحق الصادق في كل ما جاء به من أخبار وقصص وإعجاز وعقيدة وتشريع ...
وقوله : أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد ) أولم يكف بربك أيها الإنسان المكذب لخالقك المعجز في خلق نفسك أنه شاهد على كل شيء خلقه بذاته وكذبته بنفسك ، لا يعزب عنه علم شيء منه .
مآزق البصمة الوراثية
في الجسم البشري 60 ألف بليون خلية، لكن الأكثر تعقيداً أن يكون في كل خلية كتاب ضخم مكوّن من مائتي ألف صفحة، وهذا الكتاب المعجزة وضعه الخالق سبحانه بدقة متناهية في نواة كل خلية من تلك الخلايا، هذا الكتاب هو الذي يحمل علامات القدر الوراثي للخلية. ولكن هل هذه الكتب متشابهة؟ والإجابة هي أن هذه الكتب متفرّدة من حيث إنها تختلف في المتوسط بثلاثة ملايين طريقة عن النسخ الأخرى لأفراد آخرين، والمثير في هذه الطبعات الكونية المتفرّدة هي أنها مكتوبة بحروف أربعة لا أكثر (أ. ث. ج. س) وهي الحروف الأولى للأحماض الأمينية المستخدمة في الكتابة: (أدينين، ثايمين، سيتوجين، وجوانين).
هذه الآلاف المؤلفة من تتابع الحروف داخل النوايا، تكون السفر الوراثي المكتوب على شريطين من الدنا، وهي مادة الوراثة، ويبلغ طول كل منها حوالي مترين، فلو أنك أوصلت الشرائط الوراثية تلك بعضها بعضاً، لوصل الخيط إلى الشمس ذهاباً وعودة 350 مرّة. ما يجعلنا بشرا، مسجل بالكامل داخل النوايا ذوات الكتب الدقيقة حوافظ الأسرار، وفي البدء تتحد خلية من ذوات الشرائط تلك مع خلية بشرية أخرى. تتداخل الأحرف بترتيب إلهي فذ، وتخلق بحروفها الدقيقة المنمنمة بشرا سويا.
تؤثر الجينات في كل الخصائص البشرية والأمراض، والأمر ليس مطلقا على أي حال، لكن امتزاج تلك المعلومات بالتاريخ العائلي والفحص السريري وتاريخ العائلة هو الأساس لتوقع حدوث أي مرض. ويمكن إدراك تلك الآثار من خلال مراجعة للتاريخ العائلي والفحص السريري واستعمال الوسائل المعملية المختلفة لاستكمال التشخيص. وفي بعض الحالات (مثل مرض الأنيميا المنجلية أو التليّف الحوصلي)، فإنّ التركيب الدقيق على مستوى الجزيئات قد أصبح مفهوماً وواضحاً إلى حد بعيد للأطباء والباحثين، لكنه على العكس تماماً في أغلب الأمراض المزمنة مثل مرض السكر ومرض ارتفاع الضغط الدموي، فإنّ لأمور لم تتضح كلها بعد، وحتى تتضح تلك الأمور مجتمعة، فما الطريق الأخلاقي الذي ينبغي اتباعه حتى يتبين الإنسان كل خرائط الجزيئات داخل الخلايا.
 - مخاوف فتح الصندوق:
هناك مخاوف عدة من جراء فتح الصندوق المليء بالأسرار، وأهم المخاوف هي أنّه ربّما تستخدم تلك المعرفة الجينية البالغة التعقيد في إيذاء البشر؟ فعلى سبيل المثال، إذا تم كشف تلك الخريطة البالغة الأهمية عند البشر، فتلك المعلومات يمكن    لها أن تمنع إنساناً من العمل خوفاً من إصابته مستقبلاً بمرض ما. وكذلك الحال في التأمين على الصحة، والتعليم وكل جوانب الحياة، فهناك هيئات اقتصادية عدة تعتبر أن احتمال إصابة موظف ما بمرض من الأمراض ولو مستقبلاً يعطيها الحق في رفض تعيينه، أمراض كثيرة يمكن الآن التنبؤ بإمكان حدوثها في المستقبل، فهل يحق للشركات أن ترفض عاملاً لأسباب "جينية"؟ أم أنّ الأمر يدخل في إطار "التمييز    الجيني"؟ هل يعتبر ذلك تعديا على حقوق الإنسان من زاوية أنّه نوع من أنواع التمييز؟
ولأنّ البشر ينظرون للمعلومات الخاصة بالجينات على أنها دقيقة وحتمية، وبالتالي لا يمكن تغييرها، وهذا الاعتقاد الراسخ بحتمية ودقة الطب الجيني يحمل في طياته إحساساً بالعجز أمام حقائقه التي لا مناص منها، والتتابع الخاص بالحمض الأميني ليس كتاباً للحياة، بل الصحيح هو أنّ البشر يمثلون في خصائصهم حاصل جمع عوامل كثيرة، فكأنّ البيئة والأسرة والضغوط التي يتعرض لها الإنسان بالمرض. وصحيح أنّ الحامض النووي يستخدم الآن في التعرف على هوية الأشخاص بدقة بالغة (البصمة الوراثية) خاصة في قضايا الطب الشرعي، ويعتمد تحليل الحامض النووي على بعض التراكيب التي توجد في الخريطة الوراثية للإنسان "الجينوم" التي تتميز بالتكرار لعدد لا محدود وتختلف من شخص لآخر وبفحص أكثر من موقع جيني للإنسان الواحد تزيد كفاءة التحليل، فحين يتم فحص تسعة مواقع أو أكثر تقترب نسبة كفاءة الفحص من 100%.
ويتم تحليل البصمة الجينية عن طريق الحصول على عينة بيولوجية من جسم الإنسان الراد الكشف عن هويته مثل عينات الدم أو خصلة الشعر – بشرط وجود البصيلات بها – أو جزء ضئيل جدّاً من العظام أو الأظفار وغيرها. وعن طريق الأجهزة الأوتوماتيكية يتم فصل العينة خلال ربع ساعة فقط، ويتم التعرف على البصمة خلال هذا الزمن الوجيز عن طريق أشعة الليزر، وتضاهى النتيجة على أي مرجعية للشخص للتأكد من هويته، كما أنّ هذا التحليل يمكن إجراؤه يدوياً ويمكن استخدام هذا النوع من التحاليل في قضايا إثبات البنوة، وكذلك قضايا الجنسية والهجرة التي تحتاج إليها السفارات، كما يمكن لكل الدول أن تسجل لمواطنيها قاعدة بيانات كاملة تفيد في التعرف على الجثث أثناء الحوادث والكوارث التي تخفي الكثير من المعالم البشرية.
 تتابعت محاولة فهم الجينوم البشري (الكتاب الوراثي للإنسان)، وهناك مشروع للجينوم البشري يحاول فك رموز تلك الشفرة البالغة التعقيد. في عام 1953 نشر جيمس واطسون وفرانسيس كريك أهم الإنجازات الوراثية على الإطلاق، حيث وصفا فيه التركيب الثلاثي الأبعاد للدنا، المادة الأولية للوراثة، وكانت هذه نقطة البداية لهذا العلم بالكامل، حيث أدرك العلماء من ذلك اليوم أن أبجدية الشفرة الوراثية مسجلة بالكامل من تلك القواعد الأربعة، وأنّ الجينات ما هي إلا مقاطع من الدنا تحمل تلك الشفرات الخاصة بكل إنسان.
الهدف كان دائماً تعقب الجينات الخاصة بأمراض الإسان، وكان الفتح الأوّل هو النجاح في تعقب: الجين المسبب للمرض الوراثي لمرض هنتنجتون (نسبة لمكتشفه الطبيب الأمريكي جورج هنتنجتون) وهو مرض وراثي نادر يصيب في الغرب واحدا من كل مائة ألف ويظهر أثره القاتل على الفرد حتى إذا حمل في جينومه نسخخة واحدة منه فقط، وتبدأ أعراضه في الظهور في سن يتراوح بين 35 و45 عاماً وتستمر الأعراض فترة 20 عاماً تقضي فيها على المريض وتبدأ الأعراض بالاكتئاب ثمّ بانعدام التحكم في الجهاز الحركي ومن ثمّ يصاب المريض بتدهور عقلي واضطراب عاطفي ثم اكتئاب انتحاري ويتحول إلى هيكل محطم وغير عاقل. وقامت نانسي ويكسلر باكتشاف الجين المسبب بعد رحلة طويلة بدأت في عام 1981. وفي عام 1983 تم التعرف على المنطقة التي تحمل الجين وعرف تركيب الطفرة المسببة للمرض في عام 1993. وكانت تلك هي البداية الحقيقية لقطف ثمار التقدم العلمي في هذا المجال. وفي سبتمبر 1988 تم تشكيل المجلس التأسيسي لمنظمة الجينوم البشري HUGO من 42 من أشهر البيولوجيين في العالم كان من بينهم خمسة من حاملي جائزة نوبل. وقد بدأت المشروع في أكتوبر 1990، والهدف هو كشف سر خريطة الجينوم البشري، وهو مشروع يوازي – كما قيل آنذاك – مشروع (أبوللو) للصعود للقمر. لكن يجب أن نعلم أن اكتشاف علاج للمرض الوراثي يتطلب من 20 إلى 30 سنة بعد اكتشاف المرض أوّلاً.
 خصوصية الأسرار.. وأسئلة القانون:
الكثيرون إذن يحجمون عن اكتشاف أمراضهم الوراثية، مستندين إلى منطق أنّه لا جدوى من معرفة كونك مريضاً بمرض ليس له علاج حتى الآن.. ثمّ إنّ الاختبار الوراثي ليس اختباراً قاطعاً في أحيان كثيرة. فمرض التليف الكيسي من أكثر الأمراض الوراثية في الغرب (وهو مرض يصيب واحداً من كل 2500 طفل). وهو مرض يقتل في سن مبكرة ويندر أن يعيش حامله لسن الثلاثين وهو مرض ينتج عن جين منتج أي يلزم أن يحمل الفرد منه نسختين (واحدة من الأُم وواحدة من الأب) لتظهر أعراضه. إلا أنّ الاختبار الوراثي لا يقطع بأنّ الفرد لا يحمل جين المرض لكنه يقول للمريض: أنت مصاب، لكنه لا يستطيع أن يقطع بعدم الإصابة.
نماذج من بصمات اطراف الاصابع
السؤال الأهم: ما حق الآباء وحق الحكومات في إجراء الاختبارات الوراثية؟ هل من حق الطبيب أن ينقل معلومات وراثية عن فرد من أفراد الأسرة إلى أفراد عائلته؟ إذا كان هذا يعني أن إصابتهم أو أولادهم بالمرض الوراثي واردة في المستقبل. هل توافق على إجهاض أم تحمل جنيناً مصاباً بمرض هنتنجتون أو مرض الزهايمر الذي يقتل بعد سن متأخرة؟ الكثيرون يرون أن إباحة الإجهاض لأسباب كتلك هو أمر غير إنساني، إنّه جريمة قتل. يضعنا مشروع الجينوم البشري أمام مشكلة اجتماعية حقيقية يلزم أن يناقشها المجتمع والمثقفون والعلماء والأطباء والفلاسفة ورجال الدين وحتى كل فئات المجتمع، الأمر يهم الجميع.
ماذا يدفع صاحب العمل إلى تعيين أفراد يحملون في دمائهم علامات وراثية تنبئ عن مرض قادم؟! إنهم يحملون جينات معطوبة فهل يحق له أن يكتشف ذلك دون إذن منهم؟ هل ستتم إذن تفرقة وراثية، إنها قد تحمل نوعا أيضاً من التفرقة العنصرية؟ أصحاب العمل وشركات التأمين يقولون إن ذلك يدخل تحت بند الأمراض ومن حقهم أن يراعوا المرض أثناء التعيين؟ إنّه صندوق التعقيدات الجديد الذي يحمل في طياته كثيراً من الأسئلة، وهذا بالضبط وقت طرح الأسئلة على كل القطاعات: الأطباء ثمّ كل فئات المجتمع من عاملين ورجال دين وعلماء اجتماع بل وكل الفئات.
من الطبيعي أن يكون من واجب الطبيب أن يحافظ على خصوصية المريض وأسراره الطبية، لكن هذه الخصوصية ليست مطلقة في كل الأحوال. ففي الستينيات من القرن الماضي، توفي أحد الرجال من مرض سرطان القولون، وبعده بخمس وعشرين سنة مرضت ابنته بالمرض نفسه، وحين عادات الابنة لملف والدها الطبي اكتشفت التشابه الكامل بين حالتها المرضية القابلة للتحول للسرطان وحالة والدها Diffuse Adenomatous Polyposis Coli وهي حالة من الحالات التي يتم اكتشافها وعلاجها مبكراً قبل أن تتحول إلى سرطان قاتل، وحين عرض الأمر على المحكمة في الولايات المتحدة أدانت المحكمة الطبيب، حتى لو اعترض الأب، رغم طفولة المريضة البريئة فإن درء الخطر أهم للبشر
وهكذا ففي كل مجالات الطب الجيني فإن درء الخطر عن كل البشر هو القاعدة، أي حماية وبكسر طوق السرية المفروض على خصوصية المريض لا يمنع الطبيب من حماية المجتمع، تحذير الأقارب إذن هو الأقل خطراً من ناحية القانون، الذي يحمي الأطباء في هذه الحالة. ويبقى أن مجمل الأسئلة المطروحة على طب المستقبل يستلزم حواراً بين كل الأطراف للخروج بإطار شامل يرضي كل الفئات، ويحمي الأطباء والبشر المعنيين جميعاً بالقضية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق