السبت، 27 نوفمبر 2021

الجزء الثاني من تفسير سورة الناس

التفسير التقليدي للسورة :- 

جاء التعوذ من الشيطان ورد في القرآن في سبعة آيات قرانيه هي :-
  1. قال أَعُوذُ بِاللّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ [البقرة : 67]" 
  2.  قَالَ ربِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ (هود : 47] 
  3. " قَالَتْ إنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً [مريم : 18]" 
  4. وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ [المؤمنون : 97] 
  5. وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ [المؤمنون : 98] 
  6. قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ [الفلق : 1] 
  7. قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ [الناس : 1]
يضاف الى ذلك قوله تعالى  " وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً[الجن : 6] وهذا التعوذ لايجتمع مع مافي الايات اعلاه لانه تعوذ بغير الله تعالى.

جاء التعوذ من الشيطان في القرآن بلفظ " أعوذ" في سبعة آيات قرانية هي :-[البقرة : 67][هود : 47][مريم : 18][المؤمنون : 97][المؤمنون : 98][الفلق : 1][الناس : 1]

 " قُلْ أَعُوذُ " كانت الإستعاذة في هذه السورة من شرور الإنسان الداخلية التي تقع عليه أم على غيره وهي استعاذة من المعايب. وفي هذه السورة استعاذة من شر واحد ألا وهو شر وسوسة الشيطان المهلكة للديم والأخلاق.

برب الناس :رب :- الربوبية هي انتماء السكينة من المربوب لربة كاستكانة الطفل في أحضان امه مربيته فالربوبية عطاء وامان فرب العمل مؤتمن على عماله ومانحهم اجورهم ... الخ . لذلك كانت حكمة الله في مخاطبة الانسان في كافة القضايا المرتبطة برزقه ةأمنه وصحته بكلمة رب , فاذا شكرت من اعطاك عطيه فالأجدر ان تحمد رب العالمين فانظر متى يُذكر اسم الرب في القران :
  1. إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ [البقرة : 131] فذلك عند نيل نعمة الإسلام .
  2. فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الأنعام : 45] فذلك عند رفع الشر فلا يحميك الا ربك ولايحمي الطفل الا مربيه امه وابيه.
  3. قَالُواْ آمَنَّا بِرِبِّ الْعَالَمِينَ [الأعراف : 121] فانظر كتاب الله لترى اسم رب العالمين فيما يقترن في 78 آية 
بِرَبِّ النَّاسِ 1 مَلِكِ النَّاسِ 2 إِلَهِ النَّاسِ 3 " هذه ثلاث صفات من صفات الرب عز وجل: الربوبية والمُلك والألوهية. قل يامحمد لاتباعك من المؤمنين أن يستعينوا بالله رب كل الناس. تكررت كلمة أعوذ 7 مرات في القرآن ( انظر اعجاز العدد 7  في القرآن ) هذه الصفات تتطلب من الناس المربوبين والمملوكين والمألوهين لله عز وجل الاستعادة به وحده من شر الوسواس الخناس وهو الشيطان الموكل بالإنسان فإنه ما من أحد من بني آدم إلا وله قرين يزين له الفواحش فوجب الاستعادة منه اي الاستعانة عليه بالله خالقه ولاعنه ... ولذا جاء في الآية (رب الناس) ولم يقل رب الجِنّة والناس
  • كلمة خَنَّاس :- لم تتكرر في القران سوى في تلك الاية و خَنَّاس   والخناس: في اللغة العربية : هو الشيطان الذي يخنس، أي ينقبض و يتوارى إذا خاف , ولا يخاف ألا من ذكر العبد ربَّه. وجاء معنى الخنس في القران في قوله:" فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ [التكوير : 15] والخنس هي :- الكواكب التي تخنس بالنهار،  وتظهر في الظلمة وقيل: الخنس هي زحل والمشتري والمريخ لأنها تخنس في مجراها.والخنس في معتقدنا هم أؤلئك الذين يغوون الناس بشتى أنواع الغواية ليضلوهم ويبعدوهم عن عبادة الله تعالى . هم الاشرار الابالسة والشياطين 
  •  الذي يوسوس في صدور الناس: ذُكر في الآية ان مصدر الوسوسة قسمين من الجنة ومن الناس وليس كل الجنة وكل الناس" لان من كليهما المؤمن والشيطان فالجِنّة فيهم صالحون وفيهم قاسطون بدليل قول القران على لسان الجن" وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون" لذا لا يصحّ الاستعادة من الجِنّة عموماً ولا من الناس عموما. وقد ورد في الأثر: (الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير ممن لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم) 
  • مكان الوسوسة :ذُكر في الآية مكان الوسوسة وهو الصدور ولم ترد القلوب.، ولم يقل القلوب فالصدور مداخل للقلب  والشيطان يملأ الصدر بالوسوسة قدر استطاعته مغلقا الطريق إلى القلب.
  • مصادر الوسوسة: هي من الجِنّة والناس: والوسواس قسمان قسم من الجِنّة وآخر من الناس وبما أن الناس هم المعتدى        عليهم فقد جاء في الآية أن الاستعادة تكون برب الناس ولم يقل برب الجِنّة لأن الناس لما وقع عليهم الأذى أمروا أن يستعيذوا بربهم , ولان الجِنّة هم الأصل في الوسوسة. فقدمت السورة الجنة على الناس تقديم الأصل على الفرع ووسوسة الإنسي قد تكون من وسوسة الجني ولا تقع الوسوسة في صدور الجن من الانس, وفي الآية" وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً " [الأنعام : 112] ورد تقديم شياطين الإنس على شياطين الجنّ وذلك لأن السياق كان على كفرة الإنس الذين يشاركون الجن الوسوسة فلذا تقدّم ذكرهم على الجنّ  انظر هنا البحث في الجن والمس به
  • زمن الوسوسة :- جاء في الحديث: الشيطان جاثم على قلب ابن آدم إن ذكر الله خنس، وإن نسي وسوس)
جاء في الصحيح أن رسولنا الكريم قال (ما منكم من أحد إلا قد وكل به قرينه قالوا: وأنت يا رسول الله؟ قال: نعم إلا أن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير) وفي الصحيح عن أنس في قصة زيارة صفية بنت حيي للنبي وهو معتكف وخروجه معها ليلا ليردها إلى منزلها فلقيه رجلان من الأنصار فلما رأيا النبي أسرعا فقال رسول الله: (على رسلكما إنها صفية بنت حيي"  فقالا: سبحان الله يا رسول الله فقال: "إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا - ( شرا 
وعن رديف رسول الله قال: (عثر بالنبي حماره فقلت تعس الشيطان فقال النبي: لا تقل تعس الشيطان فإنك إذا قلت: تعس الشيطان تعاظم وقال: بقوتي صرعته وإذا قلت: باسم الله تصاغر حتى يصير مثل الذباب وغلب) تفرد به أحمد 
وعن أبي ذر قال: (أتيت رسول الله وهو في المسجد فجلست فقال: يا أبا ذر هل صليت؟ قلت: لا قال: قم فصل قال: فقمت فصليت ثم جلست فقال: يا أبا ذر تعوذ بالله من شر شياطين الإنس والجن قال: فقلت يا رسول الله وللإنس شياطين؟ قال: نعم ...."
عن ابن عباس قال: (جاء رجل إلى النبي فقال: يا رسول الله إني لأحدث نفسي بالشيء لأن أخر من السماء أحب إلي من أن أتكلم به قال: فقال النبي: الله أكبر الله أكبر الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة). ورواه أبو داود والنسائي .
اعجاز الرقم 5 في سورة الناس - بدليل القران والسنة 
أول سورة قرآنية نزلت من الله تعالى على الناس كانت سورة العلق وعدد آياتها خمس وهي:- { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)} لاحظت أن أهم ما جاء فيها بعد ذكر اسم الخالق هو تنبيه الإنسان إلى خلقه فكان أول ما ذكر بعد كلمة " الخالق" في أول سورة نزلت على الناس كافة كان هم" الناس" فأحصيت كلمة الناس عدديا في القران فوجدت منها :- خمس آيات في سورة الناس. وخمس في سورة الأعراف . وخمس في سورة هود . وخمس في فاطر . وفي سورة النساء كانت في 15 آية. وكانت في سورة البقرة 25 آية .
 هذا جدول إحصائي بسيط ولا شيء فيه حتى الآن فالأمر مجرد نظم رياضي طبيعي جاء الكثير منه في نظم آيات وكلمات وحروف القرآن مما تعجز عن كشفة عقول البشرية وحاسباتها الالكترونية, فهل نجد ما يمتع ويفيد في هذا الجدول البسيط ؟ لنرى:-
3. (الكف ) كان فيها أيضا خمس أصابع .
4. حواس الإنسان كانت خمس ظاهرة (الشم بالأنف, اللمس بالجلد, الذوق باللسان, السمع بالإذن, الأبصار بالعين).
نقبنا بهدوء وتدبر في آيات القرآن عما يخص الناس لعلنا نجد ثمة علاقة مبهرة لعقولنا وعلوم الإعجاز القرآني فوجدنا ما يلي:- 
  1. خلق الإنسان كان في خمس جاء بها القرآن المعجز قبل كل علم ومدعي علم وهي:" فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم (1) مِّن تُرَابٍ (2) ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ (3) ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ (4) ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ (5) وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ " انتهى بيان مراحل الخلق
  2. , وننتقل بالمعجز إلى مراحل الحياة "  (1) َنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاء إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى (2) ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً (3) ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ( 4) وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى (5) وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ " والى هنا هن خمس كانت للإنسان خلقا وحياة والى الممات. والى مراحل حياة الناس من بعد الولادة وحتى الممات كانت قرانيا في خمسة: التحدي الاعجازي في مزيد التفصيل القرآني وبيانه العلمي .
  3. جاء أيضا في خمس فواصل استبعادا للخلق الازلي من الطين فتلك مراحل الخلق من التناسل البشري و هي:"(1) جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ (2) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً (2) فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً (3) فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً (4) فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً (5) ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ [المؤمنون :13- 14] الإعجاز في هذه الآية الكريمة هو إخبار القرآن للناس عن مراحل خلقهم من التناسل البشري {الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ} [الانفطار: 7، 8], والخلق هنا خمسة مراحل (إعجاز علمي في ترتيب الخلق ونموه ورقمي في الثبات على تعداد نظام الخمسة ) 
  4. نعود الان للخلف للتدبر في أوائل ما جاء في كلمة الناس وقد كنت قد تجاوزت إلى سورة النساء تلبية مني للنداء " يا أيها الناس" ولما بحثت عن جملة "ياأيها الناس" وأنا أتوقع سلفا أن أجدها قد تكررت خمس مرات أو من مضاعفاتها ,وفعلا وجدتها قد تكررت في 20 آية بصياغة حرفية " يا أيها الناس" نعم أربعة أضعاف الخمسة. رسم القانون اللازم لحياة الناس جاء قرانيا في مجموعة رائعة البيان من الفرائض في الحقوق والعلاقات وتوزيع الميراث ... فكانت إعجاز قرآني آخر جاء في خمس أيضا نورد منها مثالا ونترك القارئ الكريم لتدبر أمثلة آخرى بنفسه. ومثالنا لأول خمس في قانون الحياة الاجتماعية للناس هي:"  (1) وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ  (2) وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ   (3) وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ ,..  (4) وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى ( هذا شرط الزواج المتعدد في الإسلام الذي يجهله ويتجاهله الكثيرون ) فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ   (5) فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ..." وهذا شرط أساس مع القاعدة الذهبية أن الانسان لا يمكن ان يمتلك كمال العدل)  الإعجاز القرآني في هذه الآية : هو وضع القانون الاجتماعي للناس من قبل القرآن قبل أن يدعي الناس أنهم مبدعو قوانينهم المدنية.  فذلك من روائع البيان في خلق الإنسان.
  5.  فماذا عن الخمسة في جسد الإنسان؟ 1. الرأس -2- البطن 3- الظهر- 4 - الأطراف 5-الأعضاء التناسلية
  6.  وأيضا في تفاصيل الأطراف ففي (القدم) خمس أصابع. وفي اليد خمس أصابع.
لم يخطر ببالي قط أن يكون عدد آيات هذه السورة الخمسة ذات دلالة خاصة جدا بالناس , فسبحان رب القرآن المعجز للناس, وهنا خطر ببالي أن انظر للحظة في سورة الناس وقصة خلقهم وعلاقتهم بالرقم 5 فبهت وحمدت وهللت حين وجدت أن الإنسان قد جاء ذكره في هذه السورة خمس مرات" قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ (6) فتذكرت قول الله تعالى "وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً [الجن : 28]" فأحببت أن أتتبع هذا الإحصاء, إيمانا جازما مني بإعجازية القرآن الكريم العددي, التي  تنبأ عن الكثير مما لا يعلمه الإنسان , كون القرآن الكريم هو معجزة محمد ليوم الدين, ولقول الله تعالى " قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً " [الإسراء : 88]                                          (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ الحق إِلَّا اللَّهُ)
Flag Counter


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق