السبت، 13 نوفمبر 2021

وجه الإعجاز في الصلاة

السجود :-
إن أعجب شيء في وضع السجود هو أنه يجعل الدورة الدموية بكاملها تعمل في ذات الاتجاه الذي تعمل به الجاذبية الأرضية فإذا بالدماء التي طالما قاست من التسلق المرير من أخمص القدم إلى عضلة القلب وإذا بها في حال السجود قد تدفقت منسكبة في سلاسة ويسر من أعلى إلى أسفل.
إنها أهم حركة في الصلاة بأسرها، إذ أنها تقوم على ارتجاع الدماء إلى القلب، وتحت تعليمات دقيقة ومحددة أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تؤدي هذه الحركة على المنوال التالي:
- ينبغي أن يطمئن الوجه تماماً في ملاصقته للأرض.
- ويبقى الجذع معلقاً ومستقراً في ثبات على أعظم الوجه والكفين والركبتين وأطراف أصابع القدمين المتجهتين إلى القبلة.
- وهناك نهي صريح عن استراحة الجذع فوق الكوعين، أو الزندين بل على العكس ينبغي أن يبقي الكوعين على أقصى بعد ممكن من الجذع ذاته.
- وعلى المصلي أن يتجنب قطعياً انحناءات الظهر عند السجود، بل على الظهر أن يبقى مشدوداً بلا عوج.
- والفخذان تستقران في الوضع العمودي على الركبتين في حالة شبه استرخاء كامل.
- أما عن الساقين فكلاهما يرتكن على أطراف القدم التابعة له، فيما يبقى من جهته الأخرى مثبتاً على مفصل الركبة لذات الطرف السفلي، ولننظر الآن تأثير تلك الهيئات في حال السجود على جسم المصلي:
إن التغيرات الوريدية العضلية حال السجود يحدث فيها ما يلي:
1. يتم شد الظهر وتجنب أي انحناء فيه بالاعتماد تماماً على أكبر انقباض للعضلة الظهرية الناصبة والتي تمتد منطقة عملها من العنق وحتى العصعص (لاحظ التعاليم النبوية بتجنب الاعتماد على الكوعين في السجود مما يطلق يد العضلة المذكورة في العمل بلا عرقلة).
2. يحدث تمدد العنق تحت فاعلية العضلة الرأسية العنقية ذات الأهمية المعروفة من ناحية الارتجاع الوريدي للدماء.
3. انثناء البطن في الوضع الساجد يتم بتظافر العضلة البطنية الأمامية في جدار البطن مع جاراتها المائلات العاملات معها في تفاهم كامل.
4. ثني مفصل الفخذ بالعضلة الممتدة من الإلية لأعلى الفخذ.
5. انثناء مفصل الركبة، بينما تعتمد الساق على أطراف الأصابع المنتصبة باتجاه القبلة يعطي حالة من الاسترخاء التام لمجموعات العضلات الواقعة في منطقة الفخذ(17).
6. وكذا في هذا الوضع المتميز للساق ترتاح عضلات السمانة (خلف الساق) وتتراخى تماماً، بينما يساعد الوضع المنحدر من الخلف إلى الأمام إلى تدفق الدماء بمساعدة العون القيم الذي تسديه الجاذبية الأرضية.
7. أما مفصل الكعب فيلزم وضع الانثناء الظهري له، وذلك لثبات القدم على أطراف الأصابع المستقرة على الأرض.
8. ارتجاع الدماء الوريدية تحت تأثير الجاذبية الأرضية:
إن متوسط الضغط الواقع على ظاهر القدم أثناء الوقوف (93.70سم/ ماء) بينما في حالة السجود الأول (3سم/ ماء)، وكما علمت فإن شد الظهر واستقامته تؤديه العضلة الناصبة الظهرية حيث تطرد دماءها الغزيرة إلى تيار الدم المتدفق في الأوعية الدموية الكبرى، التي تقع هذه المرة في مستوى أعلى من مستوى عضلة القلب مما يدفع بالدماء إليه في سرعة ويسر تحت معاونة عجلة الجاذبية الأرضية، والعنق كما سبق بما خلفها من العضلة العنقية الرأسية، إذ تنقبض فتقذف بأغلب دمائها المنتشرة في الشبكة الدموية السخية.
في هذا الوضع المميز، وتحت تأثير انضغاط التجويف البطني، مع الانقباض النسبي لعضلات جدار البطن الأمامي، فإن الزيادة الحادثة في الضغط داخل تجويف البطن تؤدي بالضرورة إلى اعتصار الدماء التي تشق طريقها بغير عناء كبير، أو عرقلة في الاتجاه المتاح أمامها نحو عضلة القلب، التي تقبع في أدنى مستوى من الدورة الدموية متلقية إمدادات الدماء الهاوية إليها من المستويات الأعلى.
ومما يزيد من سرعة ارتجاع الدماء نحو القلب وتداعيه إليه من كل عرق بعيد، تلك القدرة العجيبة للقلب على تخليق الضغط السالب المؤدي إلى سحب الدماء سحباً من تجاويف الأوردة الكبرى الواصلة إليه، مضافاً إلى ذلك القدرة الماضية للجاذبية الأرضية.
ونتيجة للارتخاء المفاجئ لعضلات سمانة الساق، فإن قوة من السحب السالب للدماء من الأوردة السطحية إلى العميقة تتولد مخلفة أوردة الساق السطحية، وهي خاوية من غالبية الدماء التي كانت تضغط بكل قواها على جدرانها.
وأخيراً فإن وضع الأقدام منتصبة على أطراف الأصابع أثناء السجود يؤدي إلى انقباض المضخة الوريدية داخل أوعية القدم، مما يزيد في كفاءة ارتجاع الدماء الوريدية.
وهكذا فإن عمل مضخات الطرفين السفليين يتم في جو من اليسر والتشجيع من أجل تفريغ الأوردة السطحية إلى العميقة، في نتيجة نهائية بالراحة التامة لتلك الأوردة السطحية الواقفة وحدها بلا عون أمام تيار متواصل لا ينقطع من الدماء الوريدية الدافقة.
الرفع من السجود :
إن هذه الحركة لابد وأن تقطع حيزاً زمنياً قريباً من ذلك الذي يقضيه المصلي ساجداً، وأهمية هذه الحركة بالذات يرجع إلى الدرجة العالية من التكامل بينها وبين سابقتها، ويمكن للمصلي أن يؤديها على صورتها المثالية كما يأتي:
يتم رفع الرأس باطمئنان من فوق الأرض وحتى يستوي الجسم في وضع الجلوس بالظهر منتصباً والفخذ الأيسر مستقراً فوق الساق اليسرى، أما الساق اليمنى فتطمئن على أطراف أصابع القدم اليمنى، بينما يرتكز الكفان على كلا الفخذين، وهذا الوضع برمته يسمى بالمصطلح الشرعي (الافتراش).

ثانياً: التغيرات الوريدية والعضلية:
إن عضلات الجدار الأمامي للبطن تكون في وضع شبه منقبض، والوصلة بين الجذع والطرفين السفليين تكون في حالة استرخاء تام، أما الضغط البطني المرتفع أثناء السجود فهو الآن أقل بصورة ملحوظة، أما مفصل الفخذ فهو منثني بفعل عضلة الإلية والفخذ، وبالتالي فإن مفصل الركبة قد انثنى تماماً مع ضغط كامل من الفخذ على عضلات الساق، وكذلك هذه العضلات الأخيرة فهي في حالة تامة من الاسترخاء، بينما هي مضغوطة في عنف بثقل الفخذ فوقها، وكنتيجة لذلك فإن مفصل الكعب في حالة انثناء ظهري.
ثالثاً: المضخة الصدرية في ذروة فعاليتها:
يستتبع الرفع من السجود وبصورة آلية شهيق عميق في الغالب، مما يؤدي إلى تنشيط كامل للمضخة الصدرية، حيث سبق ذكرها تفصيلاً أثناء التعرض لحركة الرفع من الركوع.
ثم انظر إلى الطرفين السفليين في هذا الوضع، ترى أنهما قد انثنيا والعضلات مسترخية متيحة فرصة للدماء السطحية أن تجد طريقاً رحباً نحو التيار العميق، هذا بينما تعتصر عضلات الفخذ جاراتها الكاسيات لعظام الساق بما فيها من أوردة لا تلبث أن تتخلص من دمائها تاركة طاقم الأوردة السطحية على أتم راحة وأكمل استرخاء، وتشارك ركب ارتجاع الدماء مضخة القدمين حيث تدفع بالدماء على أقصى قدرتها.
الفوائد الطبية في الجلوس بين السجدتين:
وهذا يؤدي الجلوس إلى:
أولاً: مضخة صدرية تعمل على ذروة فعاليتها.
ثانياً: مضخة بطنية تعمل على ذروة فعاليتها.
ثالثاً: اعتصار الدماء الوريدية بالطرفين السفليين على أقصى صورة.
رابعاً: ومن ثم أقصى ارتياح لجدران الأوردة السطحية للساق.
وهكذا فإن الصلاة تعد عاملاً مؤثراً في الوقاية من دوالي الساقين عن طريق أوضاعها المتميزة المؤدية إلى أقل ضغط واقع على الجدران الضعيفة لأوردة الساقين السطحية، وتنشيطها لعمل المضخة الوريدية الجانبية، ومن ثم زيادة خفض الضغط على الأوردة المذكورة، أضف لذلك تقوية الجدران الضعيفة عن طريق رفع كفاءة البناء الغذائي بها، ضمن دفعها لكفاءة التمثيل الغذائي بالجسم عموماً.

الصلاة والمرأة :
الصلاة تفيد الحامل كثيرا لان رحم الحامل يحتاج إلى الدماء الوفيرة لكي تغذي الجنين ولتصفية الملوثات من دمه، وعندما تؤدي الحامل الصلاة، فإنها تساعدها في إيصال الدم بوفرة إلى الجنين. أما الحائض إذا أدت الصلاة فإنها تسبب اندفاع الدم بكثرة إلى رحمها، وبالتالي فقدانه ونزوله في دم الحيض، ويقدر حجم الدم والسوائل المفقودة من جسم المرأة أيام الحيض بـ (34) ملي/ لتر من الدم ومثله من السوائل، ولو أدت الحائض الصلاة فإنها تتسبب في هلاك الجهاز المناعي بجسمها؛ لأن كريات الدم البيضاء التي تقوم بدور مهم في المناعة، تضيع عبر دماء الطمث المفقودة من الجسم.
ونزيف الدم بصفة عامة يزيد من احتمالات العدوى بالأمراض، أما الحُيّض فقد حفظهن الله سبحانه من العدوى بتركيز كريات الدم البيضاء في الرحم خلال الدورة الشهرية لكي تقوم بالمدافعة والحماية ضد الأمراض. قال تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ [البقرة: 222].

الصلاة وداء الدوالي:
   بالقياس العلمي الدقيق للضغط الواقع على جدار الوريد الصافن عند مفصل الكعب، كان الانخفاض الهائل لهذا الضغط أثناء إقامة الصلاة مثيراً للدهشة وملفتاً للنظر، فعند المقارنة ما بين متوسط الضغط الواقع على ظاهر القدم حال الوقوف، ونظيره حال الركوع وجد الأول وقد بلغ ما قيمته (93.07سم/ ماء)، فيما كان الثاني (49.13سم/ ماء) فقط، وكما هو ظاهر فإن النسبة لا تزيد إلا يسيراً عن نصف الضعف الواقع على جدران تلك الأوردة الضعيفة، أما متوسط الضغط عند السجود الأول فكان ناطقاً، إذ بلغ فقط (3سم/ ماء) وغني عن البيان أن انخفاضه لهذا المستوى، ليس إلا راحة تامة للوريد الصارخ من ضغطه القاسي طوال فترة الوقوف.
أما التأثير البالغ الغربة للصلاة فهو يرجع إلى ما يبدو أن الصلاة تؤدي إلى تنشيط للقدرات البنائية لمادة الكولاجين، ومن ثم تقوية جدران الوريد، وإنه لعجيب حقاً أن النتائج التي توصلنا إليها بقياس كمية الهيدروكسي برولين في الجدار عند أولئك المصابين بدوالي الساقين ومنهم المصلون ومنهم غير المصلين، فإذا به في المصلين وقد بلغ 26.13، وفي غير المصلين 16.43 فقط، في انخفاض مؤثر عن الأولين.

الصلاة والتمثيل الغذائي :-
على العموم فإن الصلاة تقوم بكفاءة عجيبة بتنشيط كافة العمليات الحيوية داخل الجسم الإنساني بما فيها جميع العمليات التمثيلية الغذائية، كذا كعامل نفسي وعضلي فعال ومؤثر، ولعل في كل الذي ذكرناه لك تبريراً كافياً لهذا الارتفاع الملحوظ بين المصلين في معدلات بناء الكولاين (النسيج الرابط والمقوي بجدار الوريد الصافن).

 آثار الصلاة على استقرار الدماغ:
نتيجة العديد من الدراسات تبين أن للصلاة والخشوع فيها الأثر الكبير على آلية عمل الدماغ واستقراره، وقد تبين أن المؤمن الذي يؤدي الصلاة وهو في حالة خشوع تحدث في جسمه تغيرات عديدة أهمها ما يحدث في الدماغ من تنظيم لتدفق الدم في مناطق محددة.
تمت دراسة على مجموعة من المصلين، وذلك باستخدام أشعة"التصوير الطبقي المُحَوْسَب بإصدار الفوتون المفرد"الذي يظهر تدفق الدم في مناطق المخ بألوان حسب النشاط فيها أعلاها الأحمر الذي يدل على أعلى نشاط بينما الأصفر والأخضر على أقل نشاط.
الصورة الأولى:
تظهر صورة المخ الأيسر قبل الصلاة، والمخ الأيمن أثناء الصلاة، حيث يظهر أنه أثناء الاستغراق في الصلاة والتأمل فإن تدفق الدم في المخ زاد في منطقة الفص الجبهي Frontal Lobe وهو مسئول عن التحكم بالعواطف والانفعالات في الإنسان.
الصورة الثانية:
تظهر انخفاض تدفق الدم في الفص الجداري في المنطقة التي تشعر الإنسان بحدوده الزمانية والمكانية. استخلص من هذه النتائج أنه أثناء التفكر والتدبر والتوجه إلى الله يختفي حدود الوعي بالذات وينشأ لدى الإنسان شعور بالراحة والاطمئنان وأنه قريب من الله فيتولد إثر ذلك ما سبق ذكره .

الصلاة وجهاز المناعة:
توصل علماء أمريكيون إلى أن صلاة المسلمين بما تضمنته من حركات من وقوف وركوع وسجود، وأداءها خمس مرات يوميا يساعد في تليين المفاصل وتخفيف تصلبها عند الكثير من المصابين بالأمراض الروماتزمية، وهي تفيد من يعانون من تيبس العمود الفقري بشكل خاص وأظهرت الدراسات التي أجريت في مؤسسة البحوث   الإسلامية الأمريكية أن الاستقرار النفسي الناتج عن الصلاة ينعكس بدوره على جهاز المناعة في الجسم مما يسرع التماثل للشفاء وخصوصا في بعض أمراض المناعة الذاتية المتسببة عن مهاجمة مناعة الجسم لأنسجة مثل التهاب المفاصل الروماتيزمي والذئبة الحمراء.
وبينت أن معدلات الشفاء من المرض تكون أسرع عند المرضى المواظبين على أداء الصلاة التي تغمر قلوبهم بالإيمان والتفاؤل والراحة النفسية والروحانية والطمأنينة، فينشط لذلك جهاز المناعة ويزيد من مقاومة الجسم، ويرى الأطباء أن الصلاة وحركاتها تمثل علاجا طبيعيا لحالات الشيخوخة التي يصاب فيها البعض بتآكل الغضاريف وتيبس المفاصل، والذين يعتمد علاجهم بشكل رئيسي على الرياضة.

ضبط إيقاع الجسم:
أظهرت البحوث العلمية الحديثة أن مواقيت صلاة المسلمين تتوافق تماما مع أوقات النشاط الفسيولوجي للجسم، مما يجعلها وكأنها هي القائد الذي يضبط إيقاع عمل الجسم كله.
ولا ننسى أن لإفراز الميلاتونين بانتظام صلة وثيقة بالنضوج العقلي والجنسي للإنسان، ويكون هذا الانتظام باتباع الجسم لبرنامج ونظام حياة ثابت، ولذا نجد أن الالتزام بأداء الصلوات في أوقاتها هو أدق أسلوب يضمن للإنسان توافقا كاملا مع أنشطته اليومية، مما يؤدي إلى أعلى كفاءة لوظائف أجهزة الجسم البشري.
الصلاة وتقوية العظام:

كما هو معلوم أن ما يسمى بالهيكل العظمي هو كعمود الخيمة فلا يمكن للخيمة أن تقوم إلا بعد إركاز الأعمدة قبل ذلك، وتماما هو جسم الإنسان، فلا يمكن أن يقوم ويستوي إلا بهذا الهيكل العظمي الذي خلقه الله تعالى، إلا أن العظام تمر في خلال حياتها بمرحلتين متعاقبتين باستمرار، مرحلة البناء تليها مرحلة الهدم ثم البناء وهكذا باستمرار، فإذا ما كان الإنسان في طور النمو والشباب يكون البناء أكثر فتزداد العظام طولا وقوة، وبعد مرحلة النضج ومع تقدم العمر يتفوق الهدم وتأخذ كمية العظام في التناقص، وتصبح أكثر قابلية للكسر، كما يتقوس العمود الفقري بسبب انهيارات الفقرات ونقص طولها ومتانتها.
ويرجع نشاط العظام وقوتها بشكل عام إلى قوى الضغط والجذب التي تمارسها العضلات وأوتارها أثناء انقباضها وانبساطها، حيث إن هذه العضلات والأوتار ملتصقة وملتحمة بالعظام.
وقد ثبت مؤخرا أنه يوجد داخل العظم تيار كهربي ذو قطبين مختلفين يؤثر في توزيع وظائف خلايا العظم حسب اختصاصها، خلايا بناء أو خلايا هدم، كما يحدد بشكـل كبير أوجه نشاط هذه الخلايا، وأثبتت التجارب أن في حالة الخمول والراحة يقل هذا التيار الكهربي مما يفقد العظام موادها المكونة لها فتصبح رقيقة ضعيفة، وحتى في السفر إلى الفضاء أثبتت التجارب أنه في الغياب التام   للجاذبية تضعف العضلات وترق العظام نتيجة عدم مقاومتها لعبء الجاذبية الأرضية.
إن أداء سبع عشرة ركعة يومياً هي فرائض الصلاة، وعدد أكثر من هذا هي النوافل لا يمكن إلا أن يجعل الإنسان ملتزما بأداء حركي جسمي لا يقل زمنه عن ساعتين يوميا، وهكذا وطيلة حياة المسلم لأنه لا يترك الصلاة أبدا فإنها تكون سببا في تقويـة عظامه وجعلها متينة سليمة.وهذا يفسر ما نلاحظه في المجتمعات المحافظة على الصلاة من انعدام التقوس الظهري تقريبا والذي يحدث مع تقدم العمر، كما يفسر أيضا تميز أهل الإسلام الملتزمين بتعاليم دينهم صحيـا وبدنيا بشكل عام، وفي الفتوحات الإسلامية على مدار التاريخ والبطولات النادرة والقوة البدنية التي امتاز بها فرسان الإسلام ما يغني عن الحديث، ولن يعرف غير المسلم قيمة الصلاة إلا حيـن يصلي ويقف بين يدي الله خاشعا متواضعا يعترف له بالوحدانية ويعرف له فضله وعظمته.
الصلاة كعلاج نفسي:

لا يخفى على أحد ما للصلاة من تأثير إيجابي على الحالة النفسية للمصلي، لما لها من خواص فعالة بشكل متناهي في الدقة، وكأنها المرشد الذي لا يفارق صاحبه إلا لزمن يسير يسبقه توجيه بالمحافظة على الخلق الحسن والسلوك الجذاب، فكذلك الصلاة إنها تنهى صاحبها عن الفحشاء والمنكر، فهي ناصح أمين وملازم وثيق وصمام أمان للمؤمن ونهر دفّاق وعين جارية، تمد صاحبها الأمن والأمل معاً، وتحيي في النفس الطمأنينة والراحة والثبات.
يلمس هذا المسلمون عامة والخاشعون في صلاتهم على وجه الخصوص حيث تساعد الصلاة الخاشعة على تهدئة النفس وإزالة التوتر لأسباب كثيرة، أهمها شعور الإنسان بضآلته وبالتالي ضآلة كل مشكلاته أمام قدرة وعظمة الخالق المدبر لهذا الكون الفسيح، فيخرج المسلم من صلاته وقد ألقى كل ما في جعبته من مشكلات وهموم، وترك علاجها وتصريفها إلى الرب الكريم، وكذلك تؤدي الصلاة إلى إزالة التوتر بسبب عملية تغيير الحركة المستمر فيها، ومن المعلوم أن هذا التغيير الحركي يحدث استرخاءً فسيولوجيا هاما في الجسم، وقد أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم أي مسلم تنتابه حالة من الغضب، كما ثبت علميا أن للصلاة تأثيرا مباشرا على الجهاز العصبي، إذ أنها تهدئ من ثورته وتحافظ على اتزانه، كما تعتبر علاجا ناجعا للأرق الناتج عن الاضطراب العصبي.
وجه الإعجاز:

من المفيد هنا أن نشير إلى جانب الخشوع في الصلاة لأنه الركن الذي بدونه تكون الصلاة عقيمة من الناحية الدينية، وفارغة أو بلا فائدة من الناحية الدنيوية وسوف تخلو من كل تلك الأسرار التي أشرنا إليها آنفاً ولن تكون بالمستوى المراد منها لتحقيق تلك الأغراض، لأنها ستكون حينئذ أشبه بأي حركة من الحركات التي يؤديها كائن من كان من البشر، بل ربما تكون بعض الحركات الأخرى أجدر وأجدى لمتعاطيها، نعم قد يكون لها فوائد عدة من جوانب، إلا أن هناك اتصالا وثيقا بين الخشوع وبين كثير من الفوائد التي أشرنا إليها، وهنا يكمن السر في إعجازها في نظري، ولعل قائلا يقول: إن الخشوع يترتب عليه الثواب وقبول الصلاة في الآخرة وليس ما ذكرت! أقول نعم الخشوع يترتب عليه القبول والرفض في الآخرة، إلا أن ذلك لا يصرف هذا الركن إلى الآخرة فحسب، لأن الخشوع الذي أُمِرنا به هو ركن من أركان الصلاة وبه تكتمل، فإذا كان ذلك كذلك، فنقصان الخشوع ينقصها وينقص من كمالها ولا شك أن ما يطرأ عليها من نقص يكون تأثيره على باقي أجزاءها تأثيراً بينا واضحاً.
إن المسلم إذا عرف هذه الحكم والفوائد للصلاة لا شك أنه سيزداد إيمانه بأن الله الذي خلقه لم يخلقه عبثا وإنما خلقه لحكمة عظيمة أرادها الله سبحانه منه، لأن الذي يجعل في هذه الصلاة كل هذه الفوائد وهي وسيلة للتقرب بها إلى الله الكريم لا شك أنه قد اهتم بهذا الإنسان أيما اهتمام .
https://alabhth.blogspot.com/p/blog-page_92.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق