الثلاثاء، 9 نوفمبر 2021

الاعجاز القراني في لفظ الصراط

الاعجاز القراني في لفظ الصراط
الحمد لله رب العالمين والصلاة على خاتم النبيين والسلام على الأنبياء جميعهم والمرسلين المُكرمين وبعد:

المفردات :- اولا : الاية " اهدنا الصراط المستقيم " انظر هنا معنى "الهدى" 

معنى  الصراط :وردت كلمة صراط في القران 45 مرة , ارتبط منها 33 بكلمة مستقيم وجاءت بصيغة اخرى لتؤدي نفس المعنى كمثل "صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عليهم" و " صِرَاطُرَبِّكَ"و " صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ" و" صِرَاطاً سَوِيّاً" و "الصِّرَاطِ السَّوِيِّ "و" صِرَاطِ الْحَمِيدِ" و " سَوَاء الصِّرَاطِ " و "صِرَاطِ اللَّهِ" فدلت حميعها على معنى واحد. اختلف المفسرين من السلف والخلف في تفسير الصراط، رغم التقارب الكبير في المعاني التي أولوها ,فقال معظم المفسرين الصراط المستقيم هو الإسلام وقال آخرون هو الطريق والحق وقال البعض هو القرآن ...الخ. وقد نرد على التأويلات السابقة بالحق كقولنا ان الصراط المستقيم ليس هو القرآن بل القرآن أحدى وسائل الهدى إليه بدليل قول القرآن ذاته أن من الأقوام السابقة للقرآن أقوام اهتدوا إلى الصراط المستقيم بدليل قوله تعالى".وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ [الأنعام : 87] والحق ظاهر في كتاب الله كظهور الشمس للعيان لا يستحق اختلاف ولا خلاف ,ونحن إذ نتبع تفسير القرآن بالقرآن ونستدل بآياته ونخضع العقل لفهمها فنضع الآيات القرآنية المتعلقة للاستدلال بها والله المستعان على الحق.
التعريف الشرعي لمعنى الصراط المستقيم :-هو الطريق أو السبيل بدليل قوله " وَلاَ تَقْعُدُواْ بِكُلِّ صِرَاطٍ .... [الأعراف : 86] وقول إبليس عليه لعنة الله "... لاقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ [الأعراف : 16] " وبتعريف القرآن الصريح للصراط فهو " النجد " بدليل قوله تعالى {وهديناه النجدين} [البلد: 10] ومنه الطريق إلى جهنم والعياذ بالله قال تعالى" ...فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ [الصافات : 23] وعلى ما سبق نجد أن الصراط نوعان هما الصراط المستقيم والصراط المُضل .
  الصراط المستقيم : اقترن لفظ الصراط المستقيم في القرآن غالبا بلفظ العبادة كما في الآيات التالية :وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ [يس : 61]   إِنَّ اللّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَـذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ [آل عمران : 51] [مريم : 36] فهو شرعا أحد النجدين {وهديناه النجدينوهو الصراط أو النجد الأقوم المؤدي إلى دار السلام - الجنة - بدليل قوله تعالى "وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ [يونس : 2 5]  كذلك هو المتضح معناه بالهداية بما سبقه في معظم الايات كقوله" إهدنا الصراط المستقيم " وقد تميز هذا الصراط عن سواه بوصفه " صراط الذين أنعمت عليهم " المناقض والمعاكس للصراط الأخر صراط "المغضوب عليهم ".ومن تعريفاته انه الدين القيم بدليل قول الله تعالى"  قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً "الصراط المستقيم هو السبل الموصل الهادي للسير فيه بهدف الفوز بنهايته أي بالجنة وهو العبادة الناتجة عن الإيمان (بتعريف القرآن له)ضرب الله تعالى مثلا للناس في بيان الصراط المستقيم فقال " وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَىَ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ[النحل : 76] فبين لنا سبحانه التشريع في الخيار والتخيير فكان السلوك في إي من الصراطين اختياريا .ليكون النتاج الطبيعي للجزاء فمن سلك المستقيم فاز ومن سلك الضال خسر .
جاء في القران قول النبي"إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ [هود : 56] " وفي هذا دلالة أخرى تدل أن الصراط المستقيم هو الكمال بما في أوصافه تعالى كالحق والعدل.... فالله تعالى على الصراط أي على صفات الكمال .وقال تعالى"قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ " فكان المعنى مكملا لما سبقه فيكون الصراط المستقيم  لله وعليه واليه سبحانهومن أسماء الصراط المستقيم : جاء قوله تعالى أيضا الصراط السوي "قُلْ كُلٌّ مُّتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى [طه : 135] .و قال تعالى فيه " وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ [الحج : 24]ومن الفاظ الصراط القرآنية :-صراط الجحيم :- قال تعالى" ...فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ [الصافات : 23] وهو الصراط المناقض للمستقيم أي صراط الغي والضلال كما جاء على لسان إبليس اللعين " قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ[الأعراف : 16] وكان بيان وسيلة الضلال بالغي قد جاء في قول اللعين إبليس إذ" قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغوينهم أَجْمَعِينَ "
والذي قال فيه ربنا صراط " غير المغضوب عليهم " قال تعالى" ...مَن يَشَإِ اللّهُ يُضْلِلْهُ وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ [الأنعام : 39]   وقال تعالى" وَلاَ تَقْعُدُواْ بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجاً .... [الأعراف : 86] وهي اشارة الى قول إبليس عليه لعنة الله قال تعالى " وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ [المؤمنون : 74] اي ضالون عن الهدى ولذا وجدنا في سورة الفاتحة تكامل الايات التي تبين الصراط المستقيم وتنفي الصراط الاخر" اهدنا الصراط المستفيم .صراط الذين انعمت عليهم .غير المغضوب عليم, ولا الضالينفي تفسير " إهدنا الصراط المستقيم" أوصاف وتعريف أهل الصراط المستقيم :-فقوله "إهدنا" : الهدى يحتاج إلى أركانه الأربع الأساس ( الهدى والهادي والمهتدي والمعترض على الهدى) وهي كالتالي:
  1. الهدى :- هو السلوك الناتج عن اتخاذ الإنسان القرار في التشريع,السير في أحد النجدين,وكيفية السلوك واختيار السبيلقال تعالى ." وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ [يس : 61]
  1. الهادي : هو الله تعالى وهو المشرع للهدى المخير للإنسان صراطه بعد أن يستوفي عدله من بشير ونذير: " وَلِتَكُونَ آيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً [الفتح : 20]
  1. والمهتدون فئة من الكل " أُوْلَـئِكَ عَلَى هُدًى ... [البقرة : 5] و هم المؤمنون : قال تعالى :وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ [الحج : 54]
  1. والمتربص بالصراط والهدى اليه إبليس عليه اللعنة من الله والناس أجمعين وهو القائل " "... لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ [الأعراف : 16]
الصراط المستقيم و صراط الضالين : ما أن قال الله تعالى " اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ [الفاتحة : 6]  حتى باشر في تعريف هذا الصراط فقال هو صراط المنعم عليهم , واتبع قائلا "غير المغضوب عليهم ثم ولا الضالين " فكان في البيان القرآني أن اهدنا الصراط :- تشريع رباني فيه تخيير للسلوك البشري فإما سبيل "الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ " أو سبيل"المَغضُوبِ عَلَيهِمْ " أو سبيل "الضالين - فالصراط طريق ذات ثلاث شعب - يسلكها ثلاث فئات من الناس , لكل سالك صفته حسب مسلكه إلى ربه.ونستدل على السبل بقوله تعالى " وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [الأنعام : 153]   ومعلوم إن الطريق إلى الله يكونبالايمان به ثم بالعبادة والعبادة معروفة بالسبل أو الهدى سواء القرآن او الحكمة أو الوحي..ونستدل بما قال سبحانه ".... فَاعْبُدُوهُ هَـذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ [آل عمران : 51]  وقوله - هذا - باسم الإشارة كان تعريف مباشر- على إن عبادة الله ذاتها هي الصراط المستقيم بدلالة اسم الإشارة العائد على "اعبدوه هذا" أي فهذا هو الصراط ,قال تعالى يبين التشريع "(1) مَن يَشَإِ اللّهُ يُضْلِلْهُ وَ(2) مَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ [الأنعام : 39] وهنا خيارين فإما ضلال وإما هدى .
وللمزيد من البيان الرباني والتفصيل القرآني لمعرفة الهدى الى الصراط المستقيم نتلو قوله تعالى" ...َمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ [آل عمران : 101] والاعتصام بالله هو الهدى إلى الصراط المستقيم كما جاء في نص الآية فيكون تفسير "إهدنا الصراط المستقيم " إهدنا للاعتصام بك ربنا . ونستدل بقوله تعالى " فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ بِاللّهِ وَاعْتَصَمُواْ بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً [النساء : 175]

نلاحظ إجماع الآيات القرآنية على التعريف الواحد للصراط المستقيم على أنه الطريق الى الايمان بالله وبكتبه ورسله وملائكتة واليوم الاخر .وان فُهم من بعض الايات احيانا انه اشارة الى القران فهو صحيح اذا ما اكتمل فهو كل ماجاء في الكتب السماوية وبشر به الرسل والانبياء. 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق