الجمعة، 18 فبراير 2022

الناسخ والمنسوخ والتمام والكمال - مصطلحات قرانيه برؤيه معاصره -

   

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله.


الناسخ والمنسوخ: النسخ هو استبدال حكم ورد في رسالة سابقة بآخر أيسر منه في رسالة لاحقة. فقد ينتقل بند من بنود شريعة ما كما هو إلى شريعة تالية (الفرقان)، أو يُعدَّل كحكم الزنا بالرجم عند موسى الذي تحوّل إلى حكم الجلد كحدّ أعلى عند محمّد (ص)، أو يُلغى كحكم قتل الولد العاق في شريعة موسى، أو يضاف بند جديد كالإرث في الرسالة المحمّدية. أمّا بين آيات التنزيل الحكيم فلا ناسخ ولا منسوخ لأنّ الرسالة المحمّدية هي الرسالة الخاتم وجاءت رحمة للعالمين لقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} (الأنبياء 107)، خُفّفت فيها العقوبات التي كانت في الرسالات السابقة لها: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ…} (الأعراف 157). والرسالة المحمّدية هي المرحلة الانتقالية بين انتهاء الوحي الإلهي وانتهاء التشريع الإلهي وختمه بتوقف النسخ بين الرسالات الإلهية، وبداية التشريع الإنساني الحنيفي بالاجتهاد في تفصيل المحكم الذي جاء في الرسالة الإلهية الخاتمة. يتم النسخ بين التشريعات الإنسانية حسب تطوّر التاريخ وتطوّر الظروف الموضوعية للمجتمعات. والتشريع والنسخ الإنساني مهمّة البرلمانات والمجالس التشريعية. وأول تشريع إنساني واجب نسخه هو اجتهادات النبي (ص) التي قام فيها بتنظيم مجتمعه (قانون مدني) حسب ظروف التطوّر التاريخي لمجتمعه بدون أن يخالف التشريع الحنيفي الذي جاء في الرسالة الإلهية الموجودة في المصحف. واجتهاداته واجبة النسخ بعده لأنها أصبحت بعده اجتهادات متجاوزة معرفياً وتشريعياً.


التمام والكمال: التمام هو اكتمال المستمرّ دون انقطاع. فالصيام مثلاً يجب إتمامه دون انقطاع لقوله تعالى: {… وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ…} (البقرة 187). أمّا الكمال فهو اكتمال المتقطع كما هي حال الرضاع لقوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ…} (البقرة 233). فالرضاع يتمّ على فترات متقطعة على عكس الصيام في اليوم الواحد الذي يكون مستمرّاً. ونجد المصطلحين معاً في قوله تعالى: {… الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا…} (المائدة 3)، إذ بالنسبة لقوله: {أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} يُفهم منه أنّ الله عز وجلّ أكمل في الرسالة المحمّدية دينه الذي جاء متقطعاً حسب فترات بعث الأنبياء والرسل، وبالنسبة لقوله: {وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي) يُفهم منه أنه أتمّ نعمته على عباده التي لم تنقطع يوماً منذ خلقهم.

https://alabhth.blogspot.com/p/blog-page_92.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق